التاريخ : 2023-09-28
مدة القراءة : 2 دقائق
عالم الكتب والقراءة، عالم نخبوي، يصعب الدخول إليه، فهو يتطلب الكثير من المهارات، الشغف، الفضول المعرفي الصبر، التخطيط، ، لكن مع عصر التسليع، ودخول المال لمختلف جوانب حياتنا، و التي منها الثقافة، تغير المشهد، فلم يعد عالما نخبوياً، يتبادل مرتادوه الأفكار الأفلاطونية، وبدل أن يركض الأشخاص وراء العلم، بل أصبح العلم يركض ورائهم ويتوسل أن يحمله أحد، أي أحد.
ما الوسيلة التسويقية التي أثبتت فعاليتها للآن؟ بالضبط! تيكتوك. حين أدار الجميع ظهره للمكتبات، وانشغل البالغون بدفع عجلة التنمية وهموم الكبار حتى تبدلت أولوياتهم؛ اضطرت دور النشر لمحاولة إبهار جمهور جديد. كما استطاع رواد الأعمال نشر ثقافة التجارة الإلكترونية، والمنجمون نشر ثقافة الطوالع، قررت دور النشر التواضع قليلًا ومحاولة اللعب وفق قوانين جمهور يهوى التقليب والمعلومات السريعة.
بعد تحديد تيكتوك كمنصة تسويقية، فكرت دور النشر كيف بإمكانها الإندماج وسط ثقافة قائمة على الاستهلاك وانعدام الصبر؟ بالضبط! المؤثرين. وهكذا قررت دور النشر محاولة سن قدوة حسنة، فأصبحت ترسل نسخًا مجانية للمؤثرين مقابل التحدث عنها، والبعض حاولوا صنع أثر أعمق بتحفيز القارئ داخل المؤثرين فأصبحوا يرسلون كتبًا مجانية بشكل شهري دون أي التزامات قانونية -بس اقرأ الله يرحم أهلك-، فيما حاولت دور نشر أن تجعل من المؤثرين مؤلفين.
عالم النشر لم يعد كما نعرفه، ويبدو أن التغيرات القادمة ستغير ملامحه كليًا. هناك شركة ناشئة تدعى bindery أخذت الأمر لمستوى بفكرة إبداعية مليئة بالتفاصيل، فهي منصة تتيح للمؤثرين صناعة علامة تجارية كمجتمع! وكأن المؤثر يؤسس دولته ومن ثم يضيف الكتب التي تتناسب مع ذوقه وتوصياته حولها، ويستطيع المشتركون اختيار المؤثر الأقرب لذوقهم الشخصي وقراءة الكتب التي يوصي بها على نفس المنصة. مقابل اشتراك شهري بالطبع. والملفت بأن المنصة تطلق عليهم لقب "صانعو الذوق".
تاريخيا، يوجد عداء بين رواد الثقافة و التقنيات الحديثة، لكن تنتصر دائما التقنية، لأنها تتحدث بلسان العصر.