التاريخ : 2023-12-26
مدة القراءة : 2 دقائق
منذ ظهور الذكاء الاصطناعي ومعظم الأحاديث حوله لا تكاد تتجاوز كونها تحليلات تنبؤية، تؤخذ واقعة واحدة وتُبنى عليها آلاف التوقعات، ولكن الآن، وبعد ما "بردت السالفة" نستطيع رصد الأثر المبدئي لدخول الذكاء الاصطناعي في خطوات التوظيف، فما هي تجارب الباحثين عن عمل معه حتى الآن؟
الجهات التي استعانت بالذكاء الاصطناعي لفرز طلبات التوظيف، ظنت -من فرط طيبة قلبها- بأن عبقرية الآلة قادرة على التفريق بين السير الذاتية الموافقة لمعايير الوظيفة المطلوبة من بقية الطلبات، وإرسال إيميلات رفض لطيفة ومتفهمة لبقية المرشحين؛ على سبيل المثال: لو كانت الوظيفة تتطلب خبرة ٣ سنوات على الأقل، فيجب على الذكاء الاصطناعي استبعاد كل المتقدمين الذين لا يستوفون هذا الشرط.
وبما أن الذكاء الاصطناعي مجرد من العواطف، "ولعبته المنطق" ازدهر في وظيفته الجديدة، وبدأ يستبعد المرشحين ويرسل لهم رسائل توضح سبب عدم قبولهم، لكن الخطة انحرفت عن مسارها قليلًا، فيبدو أن الذكاء الاصطناعي يتبع مدرسة منطقية مختلفة عن المنطق البشري، ولعل نظرته "بعيدة شوي"، حيث شارك أحد المتقدمين رسالة رفض تلقائية وصلته بسبب أن يوم ميلاده لا يوحي بالجدية.
لسبب ما، يصنف الذكاء الاصطناعي مواليد ٢٠ أبريل بأنهم عديمي الموهبة، ويرفض المرشحين على هذا الأساس، ويرسل لهم إيميل مفصل ليشرح فيه كيف يتعارض يوم ميلادهم مع قيم الشركة.
كما نعلم، فالذكاء الاصطناعي يدرس النماذج القديمة ليبني عليها قراراته القادمة، ومن المؤسف بأن البشرية "ما صحصحت إلا تو" فإلى وقت قريب وسوق العمل شبه خالٍ من النساء، وفي الدول العنصرية كانت المناصب "اللي عليها الكلام" محرمة على السود.. إلى آخره. وهذه هي البيانات التي يستقي الذكاء الاصطناعي منها معرفته، وهكذا حين اعتمدت أمازون على الفلترة الآلية لطلبات التوظيف، أدركوا بعد مضي بعض الوقت بأن معظم موظفيهم ذكور، فقد أخذ النظام الآلي على عاتقه استبعاد المرشحات تمامًا.
فوضوية قرارات الذكاء الاصطناعي في التوظيف دفعت عدة ولايات على رأسها نيويورك بإصدار قوانين تحد وتنظم من استخدامه، ولعل الاتحاد الأوروبي كان أكثر توجسًا بقليل، مما دفعه لوضع قانون شامل لتنظيم جميع استخدامات الذكاء الاصطناعي.