التاريخ : 2024-01-28
مدة القراءة : 3 دقائق
عاش عصام دام حياته الممتدة لإحدى عشر سنة في صمت مطبق، ففي المغرب لم يتلقى أي تعليم يُناسب وضعه، فاضطر لابتكار لغة إشارة خاصة به ليتواصل بها مع الناس. ولكن، عندما انتقلت عائلته لإسبانيا، ارتاد مدرسة للصم والبكم فتعلّم لغة الإشارة الإسبانية، ثم سافر للولايات المتحدة الأمريكية ليكون أول شخص في العالم يتعافى من الصمم الخُلقي بالعلاج الجيني… إليكم تفاصيل القصة وقرّبوا المناديل منكم.
يعاني ما يقرب من مئتي ألف شخص أصم حول العالم من صمم سببه عيب خلقي في جين اسمه أوتوفرلين. على الرغم من أن الصمم الذي تسببه طفرة أوتوفرلين ليست شائعًا، ولكن وصفه الدكتور جون أ. جيرميلر، طبيب الأنف والأذن والحنجرة الذي يقود دراسة مستشفى CHOP، بأنه "ثمرة سهلة المنال". فهذه الطفرة تُدمر البروتين الموجود في خلايا شعر الأذن الداخلية المسؤولة عن نقل الصوت إلى الدماغ، ولكنها تُبقى الخلايا موجودة لسنوات طويلة، مما يسمح بتبديل الجين المشوّه.
يتعالج حاليا أغلب الذين يُعانون من صمم خُلقي بزراعة القوقعة، وهي تُحسّن من وظائف السمع ولكنها لا تُعيده تمامًا. في حين، يتمحور العلاج الجيني حول حقن قطرتين من سائل يتكون من فيروس غير ضار يحمل جين صحّي داخل القوقعة ليصل إلى كل خلية شعر كانت مدمرة.
طلبت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية من فريق الباحثين إجراء التجربة على أطفال بعمر عصام وأن يجربوا العلاج على أذن واحدة فقط . واجه الباحثون صعوبة كبيرة في العثور على مرضى لم يزرعوا قوقعة بعد.
بعد أيام من إتمام العملية، سمع عصام ضجّة الحركة المرورية لأول مرة في حياته. وأشار اختبار السمع الذي خضع له بعد شهرين بأن سمعه في الأذن المعالجة قريب من المستوى الطبيعي.
في صباح شتوي بامتياز، جلس عصام في قاعة المؤتمرات في مستشفى فيلادلفيا للأطفال ليُرضي فضول الناس، كونه أول شخص في التاريخ يسمع بعد العلاج الجيني. على الرغم من وجود مترجمَين للغة الإشارة، الأول كان مترجمًا أصمًا يُترجم من لغة الإشارة الإسبانية للغة الإشارة الأمريكية، والثاني كان مترجمًا من لغة الإشارة الأمريكية إلى اللغة الإنجليزية، إلا أن عصام أجاب بعبارت مُعبرة عن الأسئلة. قال بأنه بدأ يستمتع بسماع الأصوات، مثل صوت المصعد وصوت المقص، وأول أغنية سمعها كانت عند الحلّاق. أما عند سؤاله عن أجمل صوت سمعه، فأجاب بلا تردد "صوت الناس".
يُدرك الباحثون أنه حتى مع نجاح العلاج، فعصام قد لا يتمكن من فهم اللغة والتحدث بها. وأوضح الدكتور جيرميلر بأن الدماغ يمتلك حدودًا ضيقة لتعلم اللغة ما بين السن الثانية وحتى الثالثة، وتُغلق هذه الحدود بعد السن خامسة إغلاقًا دائمًا.
أصبح عصام الآن قادرًا على التواصل بأسلوب أفضل، فهو يعرف متى يتكلم الناس ومتى يصمتون وقد يستطيع قراءة الشفاة، وهو يسمع ضجيج الحياة من حوله.
لحقت تجربته الثورية عدة تجارب في الصين وأوروبا ، من المتوقع أن تكون واعدة، وسمحت الهيئة الآن ببدء تطبيق العلاج على الأطفال الأصغر سنًا.